وصعد الإمام فقال: سل. قال: أي شيء كان قبل الله. قال: تعرف العدد؟ قال: نعم. قال: ما قبل الواحد؟ قال: هو الأول، ليس من قبله شيءٌ. فقال: إذا لم يكن قبل الواحد المجازي اللفظي شيء فكيف يكون قبل الواحد الحقيقي؟ قال الرومي: في أي جهة وجه الواجب؟ قال: وإذا أوقدت السِّراج فإلى أي وجه نوره؟ قال: ذلك نور يستوي فيه الجهات الأربع. فقال: إذا كان النور المجازي المستفاد الزائل لا وجه له إلى جهة فنور السماوات والأرض الباقي الدائم المفيض كيف يكون له جهة؟ قال الرومي: بمَ يشتغل الله الآن؟ قال: إذا كان على المنبر مشبِّه مثلك أنزله، وإذا كان على الأرض موحِّد مثلي رفعه، كل يوم هو في شأن. فترك الرومي المال، وعاد إلى الروم.
وفي "الفتاوى الظَّهِيْرِيَّة" في القسم السابع، من الفصل السابع، من كتاب النكاح: وقعت لبعض الأشراف وليمة بالكوفة، وقد كان جميع (١) العلماء فيها، وفيهم أبو حنيفة، وكان في عداد الشبان يومئذ، وكان ممَّن تغار عليه المشايخ لفرط ذكائه وحسن تهديه إلى المعاني الغامضة، وكانوا جالسين على المائدة إذ سمعوا ولولة النساء، فقيل: ماذا أصابهن؟ فذكروا أنهم غلطوا فأدخلوا (امرأة كلِّ واحد)(٢) منهما على صاحبه، ودخل كلُّ واحد منهما بالتي أدخلت (٣) عليه. فقالوا: إن العلماء على مائدتكم، فاسألوهم عن ذلك، فسألوهم.
فقال سفيان الثوري: فيها قضى عليٌّ كرم الله وجهه؛ على كلِّ واحدٍ من الزوجين المهر، وعلى كلِّ واحدة منهن العدة، فإذا انقضت عدتها دخل بها زوجها.
وأبو حنيفة ﵀ كان ينكث بأصبعه على طرف المائدة كالمتفكِّر في الشَّيء،