وعن أبي عمران قيل له: أنت إمام في العربية، وإمام في الفقه، فأيهما أوسع؟ فقال: والله كتاب واحد لأبي حنيفة أكثر من العربية كلِّها.
مات سنة خمس وسبعين ومئة رحمه الله تعالى.
* * *
[قلب الكتيبة الأولى]
قال الإمام القُشَيْري ﵀: اعلموا أنَّ المسلمين بعد رسول الله ﷺ لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول ﷺ؛ إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لهم: الصحابة، ولما أدركهم أهل (١) العصر الثاني سُمي من صحب الصحابة: التَّابعين، ورأوا ذلك أشرف اسمه، ثم قيل لمن بعدهم: أتباع التابعين.
ثم اختلف الناس وتباينت المراتب؛ فقيل لخواص (٢) الناس ممن لهم نبذة عناية بأمر الدِّين: الزُّهاد والعبَّاد، ثم ظهرت البدعة وحصل التَّداعي بين الفِرق، فكل فريق ادعوا أنَّ فيهم زهَّادًا، فانفرد خواصُّ أهل السنة، المراعون أنفسهم مع الله، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة، باسم: التصوُّف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المئتين من الهجرة.