شطر ثمار المدينة، ثم أخذ برأيهما، وكذلك أخذ برأي (١) أُسَيْد بن حُضَيْر في النزول على الماء يوم بدر إلى هنا (٢). كلام فخر الإسلام.
وفي "شرح الخَصَّاف" للصَّدر الشَّهيد في باب اجتهاد الرأي في القضاء (١: ١٧٠ - ١٧٢): روي عن الحسن البصري أنّه دخل على إياس بن معاوية بعد ما قلِّد القضاء، فوجده باكيًا حزينًا، فقال له الحسن: ما أصابك، فقال: أتفكر في قول علي ﵁، حيث قال: إن اجتهد فأخطأ فهو في النار، فتلا عليه الحسن ﵀(قوله تعالى)(٣): ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]. داود ﵇ كان مُجتهدًا، وسليمان اجتهد وأصاب وقد مدحهما الله تعالى بقوله: ﴿وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٩]، إنما قال علي ﵁ فيمن لم يكن من أهل الاجتهاد، وإذا اجتهد في غير محل الاجتهاد (٤).
فبيَّن له الحسن وجه التوفيق بين الحديثين على هذا، والحديثان: "إن
(١) زيادة من ع. (٢) المشهور في كتب السيرة أن الذي أشار على النبي ﷺ في النزول على ماء بدر هو الحباب بن المنذر، أما أسيد بن حضير فلم يشهد بدرًا. انظر: "سيرة ابن هشام" (١/ ٦٢٠)، و"تاريخ الطبري" (٢/ ٢٩) و"جوامع السيرة" لابن حزم (ص: ١١٢). وجاء في "المغازي" للواقدي (١/ ٣٥): وكان ممن تخلف أسيد بن حضير، فلما قدم رسول الله ﷺ قال له أسيد: الحمد لله الذي سرك وأظهرك على عدوك! والذي بعثك بالحق، ما تخلفت عنك رغبة بنفسي عن نفسك، ولا ظننت أنك تلاقي عدوا، ولا ظننت إلا أنها العير. فقال له رسول الله ﷺ: صدقت. (٣) ساقطة من: ض. (٤) روي نحوه ابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف" (٢٥٤).