وذكر الحسن عن زياد أنّه قال: الرجال ثلاثة؛ رجل، ونصف، ولا شيء؛ فالرجل الذي له رأي ولا يحتاج إلى غيره، ونصف [الرجل] الذي لا رأي له، وإذا أضر به أمرٌ شاور ذا رأي، ولا شيء الذي لا رأي له ولا يُشاور (١). هذا من جُملة الحكمة، وزياد كان يتكلَّم بالحكمة.
وقال الحسن في قوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨]: واللهِ ما تشاور قوم قط إلا وفَّقهم الله تعالى لأفضل ما بحضرتهم [من] الصواب (٢)، والمطلوب هو الصواب، فإذا تشاوروا فيما بينهم فوفّقهم الله تعالى للصواب، فيصلون إلى ما هو (أفضل وهو)(٣) الصواب، وهذا إذا كان شيئًا لم يأت في كتاب الله ولا في السنة، أما إذا كان مما قد نزل به الكتاب، أو جاءت به السنة فلا حاجة إلى المشورة (٤).
وذكر فخر الإسلام البَزْدَوي في "أصوله"(ص ٢٣٠ - ٢٣١) قد كان رسول الله ﷺ يُشاور في سائر (٥) الحوادث عند عدم النصِّ، ألا ترى أنّه شاور أصحابه في أسارى بدر، فأخذ برأي أبي بكر ﵁، وكان ذلك هو الرأي عنده، فمنَّ بالفداء عليهم، حتى نزل قوله تعالى: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: ٦٨]، [وشاور سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة يوم الأحزاب، في بذل
(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢٠٠٩٤)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٥/ ٤١٣) معزوًا إلى الشعبي. (٢) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٤/ ١٥٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٨٠١). (٣) ساقطة من: ع. (٤) الصَّدر الشَّهيد، شرح الخَصَّاف (١/ ٣٦٧ - ٣٧١). (٥) ع: جميع.