وتابعه على ذلك عَمْرو بن عبيد بعد أن كان موافقًا له بالقدر وإنكار الصفات، وكان عَمْرو يرى (١) القدر، ويدعو إليه، واعتزل الحسن وأصحابه فسموا المعتزلة. وكان عَمْرو بن عبيد يخلف (٢) أصحاب الشُّرَط على البصرة، وكان النَّاس إذا رأوا عَمرًا مع أبيه قالوا: خير الناس ابن شر الناس، فيقول عُبيد: صدقتم، هذا إبراهيم وأنا آزر.
وعن الأوزاعي قال: أول من تكلَّم في القدر مَعبد الجهني، ثم غيلان بعده (٣)، وكان غَيلان قبطيًّا، فأخذه هشام بن عبد الملك فصلبه بباب دمشق.
وقرَّر واصل بن عطاء هذه القاعدة القدريَّة أكثر ما كان يُقرِّر قاعدة الصفات، فقال: إنّ الباري تعالى حكيم عادل، لا يجوز أن يُضاف إليه شر وظلم، ولا يجوز أن يريد من العباد خلاف ما يأمر، ويحكم عليهم شيئًا ثم يجازيهم عليه، فالعبد هو الفاعل للخير والشر، والإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، وهو المجازَى على فعله، والربُّ تعالى أقدر على ذلك كله، وأفعال العباد محصورة في الحركات والسكنات والاعتمادات، والنظر والعلم، قال: ويستحيل أن يخاطب العبد بـ "افعَلْ" ولا يمكنه أن يفعل، وهو يحس من نفسه الاقتدار والفعل] (٤).
(١) ض: يروي. (٢) أ: خلفا. (٣) كذا رواه ابن قتيبة في "المعارف" (ص: ٤٨٤)، وفي "القدر" للفريابي (ص: ٢٤٠)، و"الإبانة" لابن بطة العكبري (٢/ ٢٩٨)، و"اعتقاد أهل السنة" للالكائي (٤/ ٧٥٠): عن الأوزاعي يقول: أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له: سوسن، كان نصرانيًا فأسلم ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني، وأخذ غيلان عن معبد. (٤) ساقطة من: ع.