وأوَّل الصَّحابة إسلامًا من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن الصِّبيان عليٌّ، ومن النِّساء خديجة، ومن الموالي زيد، ومن العَبِيد بلال.
قال أبو طالب المكِّي في "قوت القلوب" في ذكر فضل علم المعرفة على سائر العلوم من الفصل الثلاثين: "قبض رسول الله ﷺ عن ألوف من صحابته، كلِّهم علماء باللَّه تعالى، فقهاء عن الله ﷿ أهل رضوان من الله تعالى، ولم يُنصِّب أحدٌ (١) نفسه للفتيا، ولا حُملت عنه الأحكام والقضايا إلا بضعة عشر رجلًا.
[وكان ابن عُمَر إذا سُئل عن الفتيا، قال: اذهب إلى الأمير الذي تقلَّد أمور النَّاس فضَعْها في عنقه. وروِّينا ذلك عن أنس بن مالك، ثم جماعة من الصَّحابة والتَّابعين بإحسان. وكان ابن مسعود ﵁ يقول: إن الذي يفتي الناس في كل مسألة يستفتونه لَمجنون. وكان ابن عمر ﵁ يُسئل عن عشر مسائل فيجيب عن مسألة، ويسكت عن تسعة. وكان ابن عباس ﵁ على ضد ذلك، كان يُسئل عن عشرة فيجيب عن تسعة، ويسكت عن واحدة، وكان من الفقهاء من يقول: لا أدري أكثر من أن يقول: أدري"، إلى هنا من "قوت القلوب"(٢).
واعلم أنَّ الصَّحابة ﵃ على ثلاث طبقات، منهم المكثرون فيما يروي عنهم من الفتيا، ومنهم المتوسِّطون في الفتيا، ومنهم المقلُّون فيها.
قال عبد القادر في "فوائد الجواهر المضية": والمكثرون من الصَّحابة ﵃ فيما يروي عنهم من الفُتيا: أم سَلَمة أم المؤمنين، أنس بن مالك، أبو سعيد الخُدْري، أبو هريرة، عُثمان بن عفَّان، عبد الله بن عَمْرو بن العاص،