الأحكام، وكَذَلك كانت حفصة - رضي الله عنها - وغيرها من النساء كُنَّ فقيهات عالمات.
لكن اختلف العلماء في تولِّي المرأة القضاء، فذهب الجمهور (١)(مالك والشافعي وأحمد) إلى القول بعدم الجواز، لما ثبت في " صحيح البخاري " وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" ما أفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة "(٢)، والقضاء نوع من الولاية، وِإنْ كان أهل العلم اختلفوا في ولايتها القضاء إلا أنهم مجموعون (٣) على عدم جواز تَولِّيها الإمامة العظمى للمسلمين .. هذا أولًا.
ثانيًا: أن المرأة - كما هو معلومٌ - معروفةٌ بالضعف والقصور والنقص، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " النساء ناقصات عقل "(٤)، كما أن شهادتهن لا تقبل وحدهن مهما بلغن؛ لأنَّ الله تعالى يقول:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢]، ثم بين سبب ذلك بقوله:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[البقرة: ٢٨٢](٥).
(١) تقدم. (٢) أخرجه البخاري (٤٤٢٥)، عن أبي بكرة، قال: لقد نفعني الله بكلمةٍ سَمعتُهَا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعدما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: " لنْ يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأةً ". (٣) يُنظر: " الذخيرة " للقرافي (١٠/ ٢٢) حيث قال: " لم يسمع في عصرٍ من الأعصار أن أمرأةً وليت القضاء، فكان ذلك إجماعًا ". (٤) أخرجه البخاري (٣٠٤)، ومسلم (٧٩)، عن أبي سَعِيدٍ الخدري، قال: خَرَج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرَّ على النساء، فقال: " … ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذهب للُبِّ الرجل الحازم من إحداكن "، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ "، قلن: بلى. قال: " فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم؟ " قلن: بلى. قال: " فذلك من نقصان دينها ". (٥) قال ابن القيِّم رَحِمَهُ اللهُ: " قال شيخُنا ابنُ تيمية رَحِمَهُ اللهُ: فيه دليلٌ على أنَّ استشهاد =