والحنابلة (١): أنه لا يقام الحد ولا القصاص في الحر الشديد ولا البرد الشديد، ولا على المريض، لما أخرجه مسلم (٢) وأصحاب السنن عن علي -رضي الله عنه-: أن أمة زنت فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجلدها، فلما أراد أن يجلدها، قالة "فإذا هي قريبة عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها قتلتها" فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"أحسنت ". فأقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على توقفه.
ورواية أُخرى عن الحنابلة: بإقامة الحد والقصاص على المريض، واستدلوا على ذلك: بأن عمر -رضي الله عنهما- أقام الحد على قدامة بن مظعون وهو مريض (٣)، واشتهر هذا بين الصحابة دون نكير.
(١) للحنابلة روايتان، كما سيشير الشيخ. يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٨)، حيث قال: "والمريض على ضربين؛ أحدهما: يرجى برؤه، فقال أصحابنا: يقام عليه الحد، ولا يؤخر .... قال القاضي: وظاهر قول الخرقي تأخيره … وكذلك الحكم في تأخيره لأجل الحر والبرد المفرط ". (٢) أخرجه مسلم (١٧٠٥) عن أبي عبد الرحمن، قال: خطب علي فقال: "يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإن أمة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "أحسنت "، وأخرجه أبو داود (٤٤٧٣)، الترمذي (١٤٤١)، وقال: قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح ". قال الشيخ الألباني في "صحيح وضعيف الترمذي ": "صحيح ". (٣) جزء من قصة طويلة، أخرجها عبد الرزاق (٩/ ٢٤٠)، والبيهقي في "الكبرى" (٨/ ٣١٥). (٤) تقدمت المسألة عند قول ابن رشد: "وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شَرْطِ القِصَاصِ أَنْ لَا يَكُونَ المَوْضِعُ الحَرَمَ ".