ولا شكَّ أن إعتاق الرقيق من الإحسان، واللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- رغَّب في الإحسان والإحسان كما جاء في حديث جبريل ركن واحد وهو:"أن تعبد اللّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"(١)، وبالنسبة إلى الرقيق كما جاء في سورة المجادلة:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، وقال في سورة البلد: {فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤)}، وقد بيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فضل إعتاق الرقيق ومكانته وما أعدَّه اللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- لمن يعتق رقبة في سبيل اللّه ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللّه بكل إرب منها أربًا منه من النار"(٢)"أيما رجل مسلم أعتق رجلًا مسلمًا كان فكاكه من النار"(٣).
والعتق مشروع في كتاب اللّه - عَزَّ وَجَلّ - وفي سنة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وأجمع العلماء على فضيلته وأنه قربة من القرب التي يتقرب بها العبد إلى اللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- وأنه طريق وسبيل لنجاة المؤمن من النار (٤).
(١) أخرجه مسلم (٨) عن عمر قال: "بينما نحن عند رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم؛ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إِلَّا الله وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا"، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله، ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: "أن تؤمن باله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" … الحديث". (٢) أخرجه البخاري (٦٧١٥)، ومسلم (١٥٠٩). (٣) أخرجه الترمذي (١٥٤٧) وغيره، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (٤/ ٤٧). (٤) مذهب الحنفية، ينظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٤/ ٤٢٩) حيث قال: =