وأكثر فقهاء الأمصار، وهو المأثور عن جمهور الصحابة والتابعين (١).
وحجتهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرت المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم"(٢)، وقد تقدم.
القول الثانى: أنه يرث، وإليه ذهب عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ومعاوية (٣) - رضي الله عنهم -، وبعض التابعين؛ كسعيد ومسروق (٤).
وعللوا ذلك بأنه ليس في إرثه منه ظهور للكافر على المسلم. هذا أولًا.
وثانيًا: قالوا: إذا جاز للمسلم أن يتزوج من الكتابية جاز أن يرثها.
وثالثًا: استدلوا بما رواه أبو داود (٥) والحاكم (٦) والبيهقي (٧) والدارقطني (٨): عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلِ - رضي الله عنه - أنَّهُ أُتِيَ فِي مِيرَاثِ يَهُودِيٍّ وَلَهُ وَارِثٌ مُسْلِم فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ".
وأخَّر المؤلف هذا الدليل وكان حقه التقديم، ولكن يبدو - والله أعلم
(١) قال ابن القطان: "وجمهور التابعين بالحجاز والعراق على أن لا يرث المسلم الكافر، كما لا يرث الكافر المسلم، هو قول جل العلماء". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ١٠٩). (٢) تقدم. (٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٧/ ٤٦٢، ٤٦٣) قال: "وممن روي عنه أنه قال كذلك: عمر بن الخطاب … وروي ذلك عن معاوية بن أبي سفيان، ومعاذ بن جبل". (٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٦٨) قال: "وممن قال بقول معاذ ومعاوية أن المسلمين يرثون قراباتهم من الكفار ولا يرثهم الكفار … وسعيد بن المسيب ومسروق". (٥) أخرجه أبو داود (٢٩١٢)، وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (١١٢٣). (٦) أخرجه الحاكم (٤/ ٣٨٣) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووأفقه الذهبي. (٧) أخرجه البيهقي في الكبرى (٦/ ٣٣٨)، (٦/ ٤١٦، ٤١٧). (٨) لم أجده في "سنن الدارقطني".