أي: أنهم متفقون على هذه المسألة: من ترك زوجًا وأمًّا وأخًا واحدًا لأم وإخوة أشقاء عشرة أو أكثر أن الأخ لأم يستحق هاهنا السدس كاملًا، والسدس الباقي بين الباقين مع أنهم جميعًا لأم، وأنتم - أيها المخالفون - لا تخالفون في هذه المسألة؛ فلماذا خالفتم هناك؟!
أكثر مسائل الفرائض مجمع عليها وما اختلف فيه منها فمرجعه إلى المقاييس التي اجتهد فيها العلماء - كما في هذه المسألة - كلهم ينتسبون إلى هذه الأم، فلماذا يفضل هؤلاء على أولئك؟
الجواب: أنهم أصحاب فرض بنصِّ القرآن، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألحقوا الفرائضَ بأهلها"(١)، وأصحاب الفروض (٢) مقدمون على العصبات (٣)، فيقدمون على الإخوة الأشقاء.
(١) أخرجه البخاري (٦٧٣٢)، ومسلم (١٦١٥) عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر". (٢) أصحاب الفروض: هم الذين لهم سهام مقدرة في الكتاب أو السُّنة أو الإجماع. انظر: "التعريفات" للجرجاني (ص ٢٨)، و"شرح السراجية" للجرجاني (ص ٢٩). (٣) العصبات: جمع عاصب، وعصبة الرجل: بنوه وقرابته لأبيه، وإنَّما سمُّوا عصبةً؛ لأنَّهم عَصَبوا به؛ أي: أحاطوا به؛ فالأب طرف والابن طرف، والعم جانب والأخ جانب. والعصبة: هم كل من لم يكن له سهم مقدر من المجمع على توريثهم، فيرث المال إن لم يكن معه ذو فرض، أو ما فضل بعد الفروض. انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ١٨٢)، و"لسان العرب" لابن منظور (١/ ٦٠٥)، و"نهاية المحتاج" (٦/ ٢٣)، و"شرح السراجية" للجرجاني (٧٠).