وهَذِهِ المسألةُ لم يُخَالِفْ فيها إلا المالكيَّةُ (١) في روايةٍ لهم؛ لأنَّ الشَّكَّ في الشَّرطِ - عندَهُم - يَمنَع تَحَقُّقَ المشروطِ (٢)، والمُتَأمِّل في هذا الرأي يجده معارِضًا لقَوْل الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي يُخيَّل إليه أنه يجد الشيءَ في الصلاة:"لَا يَنْصرف حتَّى يسمعَ صوتًا، أَوْ يَجد ريحًا"(٣).
أَمَّا اشترَاط النِّيَّة في الوُضُوء، فالعُلَمَاء فيه عَلَى قَوْلين:
الفَريق الأوَّل: يرَى أن النِّيَّة شرطٌ في الوضوء، وهم جماهير العلماء؛ كَمَالكٍ (٥) والشافعي (٦)، وأحمد (٧)، والزُّهري، وأَبِي عُبَيدٍ، وأبي ثورٍ (٨)،
(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (١/ ٤٣٧) حيث قال: "إن مالكًا قال: مَنْ أيقن بالوضوء، وشكَّ في الحدث، ابتدأ الوضوء … ولم يتابعه على هذا غيره، وخالفه ابن نافع وقال: لا وضوء عليه … وهو قول سائر الفقهاء". (٢) يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد الله المواق (٦/ ٢٦٨) حيث قال: "والشكُّ في الشرط شك فى المشروط". (٣) أخرجه البخاري (١٣٧)، ومسلم (٣٦١). (٤) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧). (٥) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (١/ ٣٣١): " (ونية رفع الحدث) ابن عرفة: من فرائض الوضوء النية". (٦) يُنظر: "النجم الوهاج" للدميري (١/ ٣١٢) حيث قال: "قال: (أحدها: نية رفع حدث)، أما وُجُوب النيَّة، فلقَوْله تَعالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}، والوضوء عبادة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الأعْمَالُ بالنيَّات". (٧) يُنظر: "الإقناع" للججاوي (١/ ٢٣) حيث قال: "والنيَّة شرطٌ لطهَارة الحدث". (٨) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَرِّ (١/ ٢٦٤) حيث قال: "قال ربيعة والليث والشافعي =