ومن لم ير الضمان، وهم الحنفية شبهوها بالوديعة، لكن لم يذكر لنا وجه الشبه، فوجه الشبه إذًا:
أولًا: أخذوا من بعض الروايات: "العارية مؤداة".
ثانيًا: أخذوا هذا اللفظ فقاسوه على الوديعة، - والوديعة كما ذكرنا مؤداة -؛ لأنها أمانة في يد المودع ليس عليه ضمان إلا لو تعدى، وإلَّا لو ابتعد الناس عن الأمانات، ورفضوا الودائع.
ثالثًا: ثم قالوا إن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، وبما أن الوديعة أمانة، والله أمر بأدائها؛ إذًا العارية مؤداة فتكون أيضًا كالوديعة، فلا يكون فيها ضمان. وهذا اجتهادٌ وفَهْم منهم.