الفريق الأول: أنَّ التَّلفُّظَ بها مُتَعيِّنٌ (١).
الفريق الثاني: أن التلفُّظَ بها أفْضَل من الاقتصار عليها قلبًا، بمعنى أنَّ الأفضلَ للإنسان أن يَنْوِيَهَا بقلبه، ويَتلَفظ بها (٢).
الفريق الثالث: أن التلفُّظ بها بدعةٌ (٣) إلا في الحجِّ؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لبَّى في الحج مُعلِنًا بقوله:"لبَّيك حجةً، لبَّيك عمرةً"(٤).
ونَخْلُصُ من هذِهِ الأقوال إلى أن التَّلفُّظَ بالنيَّة في الحَجِّ أو عند نية النُّسُك لا خلافَ فيه بين العُلَماء؛ لأنَّ الرَّسُولَ - عليه الصلاة والسلام - صَرَّح به نَصًّا، وَلَكن يَبْقى الخلاف في باقي العبَادَات، هل يتلفَّظ المتعبِّد بالنيَّة أَمْ يَقْتصر على انبعاثها من قلبِهِ.
وَالصَّحيحُ: أن التلفُّظ بها بدعةٌ؛ لأنَّ التَّلفُّظ لم يُنقَل عن الرسول عَلَيه الصَّلاة والسَّلام، ولَا عن أحدٍ من أصحابه، والله -سبحانه وتعالى - يقول:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧].
(١) يُنظر: "النجم الوهاج" للدميري (١/ ٣١٣) حيث قال: "ويندب التلفُّظ بالمنوي. وقال الزبيري: يجب أن يساعدَ القلب اللسان". (٢) يُنظر: "تبيين الحقائق" لفَخْر الدين الزيلعي (١/ ٩٩) حيث قال: "وأما التلفُّظ بها، فليس بشَرْطٍ، ولكن يحسن لاجتماع عزيمته". وبُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٦٦) حيث قال: "فينبغي ألا يتلفظ بقصده بأن يقول: قد نويت فرض الوقت مثلًا، لأن النية محلها القلب، فلا مدخل للسان فيها، فإن تلفظ فواسع، وقد خالف الأَوْلَى". (٣) يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (١/ ٢٤) حيث قال: "والتلفُّظ بها وبما نَوَاه هنا، وفي سائر العبادات بدعة". (٤) أخرجه أبو داود (١٧٩٥)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود".