هذه ناحية، وهذا الأثر أخرجه مالك في "موطئه"، وجاء من عدة طرق عند البيهقي (١) والدارقطني (٢) وغيرهما (٣)، وجاء في بعض الطرق موصولًا؛ أي: متصلًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث نعود إليه مرة أخرى حتى نبين ما فيه.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أقرهم إذًا على ذلك الأمر: هل هم الذين طلبوا أو الرسول عرض عليهم؟ هذا جاء في عدة روايات، والمهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على ذلك.
وقد اشتهر عبد الله بن رواحة شتهر بالخرص، وكان دقيقًا في ذلك الأمر، وقد مر بنا ذكره - رضي الله عنه - في كتاب (الزكاة)، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعثه خارصًا للتمر وللعنب، فهو إذًا قد اشتهر بذلك، وسيأتي في المرسل الثاني - أيضًا - قصة حصلت مع عبد الله بن رواحة، وهي قصة تشهد لنزاهة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
مرسله؛ أي: مرسل مالك، الذي أخرجه مالك في "الموطأ"(٤)، فعندنا الآن مرسل سعيد بن المسيب، وكذلك - أيضًا مرسل - ابن يسار، ومرسل ابن يسار أشار إليه المؤلف دون أن يذكر ما فيه، وهو يحمل على
(١) تقدم تخريجه. (٢) لم أقف عليه عنده. (٣) كالبزار في "المسند" (١٤/ ٢٢١). (٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٠٣، ٧٠٤) عن سليمان بن يسار: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر، قال: فجمعوا له حليًّا من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك، وخفف عنا، وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليَّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم من الرشوة، فإنها سحت، وإنا لا نأكلها. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض".