يُعلِّلُون بأنه جعل القبض شرطًا في المصارفة، فكأنه جَرَّ نفعًا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نَهى عن القرض الذي يَجزُ نفعًا (٢)، وأمَّا جمهور العلماء فقالوا: هذا أصله الوكالة؛ أي: قاسوه على الوكالة، فلك أن توكِّل إنسانًا ليأخذ لك مبلغًا من زيد ويبيع فيه ويشتري، فهذا مثله كذلك.
صفته مرَّت بنا في مطلع القراض، وهو: أن يدفع رجلٌ إلى رجل آخر مالًا ليتجر به، على أن يكون بينهما ربخٌ معلوم، لكن هناك أمورٌ لم يُشر إليها المؤلف -رحمه الله -، ولعله يُشير إليها بعد ذلك.
فهناك شروط معينة؛ لا بد أن يكون رأس المال الذي يضارب به
(١) يُنظر: "أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة" للخميس (ص ٧٤) حيث قال: "قال أبو حنيفة: مررت يومًا على الشعبي وهو جالس، فدعاني، وقال: إلى من تختلف؟ فقلت: أختلف إلى السوق، وسميت له أستاذي، فقال: لم أعن الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء فقلت له: أنا قليل الاختلاف إليهم، فقال لي: لا تفعل، وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء؛ فإني أرى فيك يقظة وحركة، قال: فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت في العلم فنفعني الله بقوله". وانظر: "مناقب أبي حنيفة" للمكي (ص ٥٤). (٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٥٧٣)، والحارث في "مسنده" (١/ ٥٠٠)، وفيه سوار بن مصعب وهو متروك. وانظر: "البدر المنير" لابن الملقن (٦/ ٦٢١).