إذًا، هم قلةٌ، ويُقَابلهم في الطرف الآخر الصَّحابة - رضي الله عنهم - حتى إنه جاء في الأثر أنه سُئِلَ عمر - رضي الله عنه - عما يتعلق بالخيار، فقال:"لا أجد لكم رخصةً"، أو "لا أجد أن أجعل لكم خيرًا مما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبان بن منقذ"(١)، هو جعل له الخيار ثلاثًا، فلا أجد لكم خيرًا مما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي منه تؤخذ الأحكام وتتلقى، وهو الأسوة الحسنة للمؤمنين جميعًا.
وقَدْ جاء بأنه عاش إلى زمن عثمان - رضي الله عنه -، وكان يختلف مع بعض البائعين، وترتفع الأصوات، فإذا مر أحدٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول للبائع: ويحك! هذا أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيار، أو جعل له الخيار ثلاثًا.
هذا إشارةٌ إلى خيار المجلس، وخيار المجلس مضى، وأنه جاء فيه عدة أحاديث:"البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبَيَّنَّا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما، مُحقَتْ بركة بيعهما".
وفي حديثٍ آخر: "إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما
(١) أخرجه الدارقطني في "السنن" (٤/ ٦)، وضعفه ابن حجر في "الدراية" (٢/ ١٤٨). (٢) أخرجه البخاري (٢١٠٩).