قوله: (وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّتِ الشَّافِعِيَّةُ بِمَا رُوِيَ: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى جَمَلًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بِوَسْقِ تَمْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ لَمْ يَجِدِ التَّمْرَ، فَاسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَمْرًا، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ").
هذا الحديثُ اختصره المؤلف، وقد أخرجه أحمد (١)، والبيهقي (٢)، والدارقطني (٣)، وغيرهم (٤)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وهو حديث صحيح، وقصَّتُه: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ابْتَاعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ جَزُورًا - أَوْ جَزَائِرَ - بِوَسْقٍ (٥) مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ، وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ: الْعَجْوَة، فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَيْتِهِ، فَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ، فَلَمْ يَجِدْه، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهُ:"يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّا قَدِ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا - أَوْ جَزَائِرَ - بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخْرَةِ، فَالْتَمَسْنَاه، فَلَمْ نَجِدْهُ" قَالَ: فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَا غَدْرَاهُ. قَالَتْ: فَنَهَمَهُ النَّاسُ (٦)، وَقَالُوا: قَاتَلَكَ الله، أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟! قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوه، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا". فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَفْقَهُ عَنْه، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ:"اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيم بْنِ أُمَيَّةَ، فَقُلْ لَهَا: رَسُولُ اللهِ يَقُولُ لَكِ: إِنْ كانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ، فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُوَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ". فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُل، ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُل، فَقَالَ: قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُه، فَقَالَ
(١) أخرجه أحمد (٢٦٣١٢). (٢) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٦/ ٣٤). (٣) لم أقف عليه عند الدارقطني. (٤) ممَّن أخرجه أيضًا البزار كما في "كشف الأستار" (٢/ ١٠٥). وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢٦٧٧). (٥) قال النسفي: "الوَسْقُ: وِقْرُ بَعِيرِ، وهو سِتُّونَ صَاعًا". انظر: "طلبة الطلبة" (ص ١٩). (٦) أي: "زَجَروه وصاحوا به. يقالُ: نَهَمَ الإبلَ، إِذا زَجَرها وصاحَ بها لتَمضيَ". انظر: "النهاية"؛ لابن الأثير (٥/ ١٣٨).