شَرَع المؤلِّف رَحَمِهُ اللهُ في تفصيل الكلام عن هذه الأصناف الأربعة التي أشار إليها إشارةً مجملةً:
فأما المريض الذي يجد الماء، ويخاف من استعماله: فإن كان مرضه يصل به إلى حد التلف، فهذا يتيمم، بل لا يجوز له استعمال الماء (٢)، وقَدْ أنكرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على مَنْ أفتى صاحب الشجة بالغسل لما احتلم، فاغتسل فمات، وقال:" قتلوه قتلهم الله "(٣)، وهذا على فرض صحة الحديث.
(١) مذهب الأحناف، يُنظر: " البحر الرائق " لابن نجيم (١/ ١٤٧)، قال: " (قوله: أو لمرضٍ)، يعني: يجوز التيمم للمرض وأطلقه، وهو مقيدٌ بما ذكره في " الكافي " من قوله: بأن يخاف اشتداد مرضه لو استعمل الماء، فعلم أن اليسير منه لا يبيح التيمم ". مذهب المالكية، يُنظر: " الشرح الكبير " للدردير (١/ ١٥٠)، قال: (، ويجب التَّيمُّم إن خاف هلاك المعصوم أو شدة المرض، ويجوز إن خاف مرضًا خفيفًا لا مجرد جهدٍ ومشقةٍ ". مَذْهب الشافعية، يُنظر: " مغني المحتاج " للخطيب الشربيني (١/ ٢٥٣)، قال: " (الثالث) من أسباب التيمم (مرض يخاف معه من استعماله) أي: الماء (على منفعة عضو) ". ومذهب الحنابلة، يُنظر: " شرح منتهى الإرادات " للبهوتي (١/ ٩١)، قال: " (أو) تعذر الماء مع وجوده (لـ) ــعارضٍ من (مرض) … ، (أو خوفه) أي: المريض القادر على الوضوء بنفسه أو غيره (باستعماله)، أي: الماء (بطء برء)، أي: طول مرض (أو) خوفه باستعماله الماء (بقاء شين)، أي: أثر قروح تفحش ". (٢) قال ابن القطان: " ومَنْ خاف التلف من استعمال الماء، جاز له تركه، وجاز له التيمم بلا خلاف من الفقهاء ". انظر: " الإقناع في مسائل الإجماع " (١/ ٩٢). (٣) أخرجه أبو داود (٣٣٧)، عن عبد الله بن عباس قال: أصاب رجلًا جرحٌ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم احتلم، فأمر بالاغتسال، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي السؤال "، وحَسَّنه الأَلْبَانيُّ في " صحيح أبي داود " (٣٦٥).