لا يزول بالشكِّ، فينبغي أن يُنَصَّ على وقوع الطلاق بدليلٍ من الكتاب أو السنة الصحيحة أو بإجماعٍ متَيَقَّنٍ (١).
- أن اللّه تعالى لم يُشَرِّع مثل هذا الطلاق، وإنما قال تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١]، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنكَرَ ذلك الطلاقَ، ونحن نعتبره طلاق بدعةٍ، فلو قلنا بوقوعه نكون قد أقررنا بالبدعة.
- أننا نقول ببطلان البيع المنعقد بعد النداء الثاني، استنادًا إلى الأمر الوارد في قول اللّه تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩]، فكذلك نبطل هذا الطلاق الواقع في الحيض لعدم جواز وقوع الطلاق في الحيض.
- أن الأمر بمراجعة الزوجة إنما هو تأديب لمن يفعل ذلك.
- ما أخرجه أحمد (٢)، وأبو داود (٣)، والنسائي (٤) من حديث أبي الزبير أن عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة بن الزبير سأل عبد اللّه بن عمر عن طلاقه، فقال:"لقد ردَّه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -"، وأما اعتراض الجمهور بأن أبا الزبير مدلِّسٌ، فنجيب عليه: بأنه قد صَرَّح بالسماع هاهنا، ولذلك صَحَّحَ العلماءُ هذا الحديث (٥).
فهذه المسألة - كما هو معلوم - فيها خلافٌ بين أهل العلم، بحيث قال الجمهور بوقوع الطلاق، ومن بين هؤلاء الأئمة الأربعة، في مقابل جمع قليل قالوا بعدم وقوع الطلاق كطاوس وخلّاس بن عمرو، وبعض
(١) قاعدة: "اليقين لا يزول بالشك" أحد القواعد الفقهية الكبرى، والمراد بها: أن ما ثبت باليقين يجب استصحاب حالته ولا يرفع هذا الحكم أو الحالة إلا ما ثبت بيقين آخر، أما مجرد الشك فلا يرفع حكم هذا اليقين المتقدم. يُنظر: "الأشباه والنظائر"، للسبكي (١/ ١٣). (٢) أخرجه أحمد (٥٥٢٤). وصححه الأرناؤوط. (٣) تقدم تخريجه. (٤) أخرجه النسائي (٥٥٢٤). (٥) يُنظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٢٠٧).