ما نسبه لابن عمر لم نقف عليه، ولعل هذا وهم من المؤلف عفا الله عنه (٣)، وإنما الذي عرف: أن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - تزوجوا كتابيات، فأمرهم عمر - رضي الله عنه - بتطليقهن فطلقوهن إلا حذيفة فقال له: أتشهد أنها حرام فرد عليه عمر - رضي الله عنه -،: هي جمرة، فقال حذيفه: أتشهد أنها حرام، فقال: هي جمرة، قال: إذن قد أحلها الله لي، لكن بعد فترة طلقها حذيفة (٤).
ولم يختلف العلماء في نكاح الكتابية، والذين خالفوا هم من الفرق الذبن لا يعتد بقولهم، ويستدلون بالآية:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}.
(١) ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى جواز ذلك، وذهب الحنابلة إلى التحريم. فمذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين"، للحصكفي (٣/ ٤٥)؛ حيث قال: "وصح نكاح كتابية، وإن كره تنزيهًا مؤمنة بنبي مرسل مقرة بكتاب منزل، وإن اعتقدوا المسيح إلهًا". ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي"، للدردير (٢/ ٢٦٧)، حيث قال: "إلا الحرة الكتابية فيجوز نكاحها للمسلم بكره عند الإمام مالك وأجازه ابن القاسم بلا كراهة وهو ظاهر الآية". ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج"، للهيتمي (٧/ ٣٢٢)؛ حيث قال: "وتحل كتابية لمسلم وكتابي وكذا غيرهما". ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ٦٦٤)؛ حيث قال: "إلا الأمة الكتابية فيحرم نكاحها لا وطؤها بملك". (٢) أخرج البخاري (٥٢٨٥) وغيره عن نافع: "أن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية، قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله". (٣) غفر الله للشارح فالأثر ثابت وموجود وتقدم تخريجه. (٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٧٨) وغيره عن قتادة: "أن حذيفة نكح يهودية في زمن عمر، فقال عمر: طلقها فإنها جمرة! قال: أحرام هي؟ قال: لا، فلم يطلقها حذيفة لقوله، حتى إذا كان بعد ذلك طلقها".