ثم يعود إليها- فلا تدري هل هو دم حيض، أو استحاضة، ولا تستطيع التمييز بين الدمين: فهذه حيرت الفقهاء في الجواب على هذه المسألة، ولذَا سمَّاها الفقهاء: مسألة التلفيق (١).
فهَلْ تضمُّ أيَّام الدم بعضها إلى بعضٍ؟ وأيام الطهر بعضها إلى بعضِ؟ وكيف تصلي؟ سيأتي -إن شاء الله- الكلام على ذلك في التعليق عَلى كلام المصنف.
مثالٌ آخر لما يرجع فيه للعرف والعادة:
وَرَد في الحديث أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تَشْربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلُوا في صحَافها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة"(٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الذي يشرب في آنية الفضة: إنما يُجَرجرُ في بطنه نارًا"(٣).
حكم تضبيب (٤) الإناء بالذهب أو الفضة:
أجاز الفقهاء تضبيب الإناء الذي فيه شق بالذهب أو الفضة (٥)،
(١) يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (١/ ٦٩)، حَيْثُ قال: "ومعناه: ضم الدماء بعضها إلى بعض إنْ تَخلِّلها طهرٌ، وَصَلح زمانُهُ أن يكون حيضًا، فمَنْ كانت ترى يومًا -أو أقل أو أكثر- دمًا يبلغ مجموعه أقل الحيض فأكثر، وطهرًا متخللًا؛ فالدم حيضٌ ملفق". (٢) أخرجه البخاري (٥٤٢٦)، ومسلم (٢٠٦٧). (٣) أخرجه البخاري (٥٦٣٤)، ومسلم (٢٠٦٥). (٤) "المضبب": إناء من فخار، أو عود، أو غير ذلك انكسر، فشعب كسره بخيوط من ذهب أو فضة، أو جمع بصحيفة من أحدهما. انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ١٢٩)، و"تاج العروس" للزبيدي (٣/ ٢٣٣). (٥) مذهب الحنفية، يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٦/ ٣٤٤) حيث قال: "وكذا (يعني: يحل) الإناء المضبب بذهب أو فضة، والكرسي المضبب بها"، وانظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٦/ ١١). مَذْهب الشَّافعية: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ١٣٧)، حيث قال: " (وما ضبب) من إناءٍ (بذهب أو فضة ضبة كبيرة)، وكلُّها أو بعضها وإنْ قلَّ (لزِينَةٍ حَرُم) استعماله واتخاذه … (أو صغيرة بقَدْر الحاجة، فلا) يحرم للصغر، ولا يكره للحاجة … =