إنَّما هو حكم الإباحة، لأنَّ الله - تعالى - بعد أن نهى عنه، فقال:{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ١] قال - عز وجل -: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢]، يعني: إذا ارتفع الحظرُ أُبِيحَ لكم الصيدُ.
يعني: الإنسانُ إذا كان مُحرِمًا فإنَّ الله - سبحانه وتعالى - قد أباحَ له الصَّيد، لكنَّ الله - سبحانه وتعالى - بالنسبة لصيد البر حَظَره علينا ما دُمنا مُحرِمِين، أو كذلك لو كنَّا في الحرم، فإنَّ الحرم لا يُنَفَّرُ صيدُه (٢) لكن الكلام في غير الحَرَم.
(١) مذهب الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة) على إباحة الصيد خلافًا للمالكية الذي ذكروا أنه حكمه ينقسم إلى خمسة أقسام. مذهب الحنفية: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٦/ ٥٠)، حيث قال: "لأنه نوع اكتساب وانتفاع بما هو مخلوق لذلك فكان مباحًا كالاحتطاب ليتمكن المكلف من إقامة التكاليف". مذهب المالكية، يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: ١١٨)، حيث قال: "أما حكمه فينقسم خمسة أقسام مباح للمعاش ومندوب للتوسعة على العيال وواجب لإحياء نفس عند الضرورة ومكروه للهو". مذهب الشافعية، يُنظر: "حاشية البجيرمي على الخطيب" (٤/ ٢٩٣)، حيث قال: "قوله: {فَاصْطَادُوا} بالاصطياد يقتضي حل المصيد، والأمر فيه للإباحة". وانظر: "كفاية الأخيار" للحصنى (ص: ٥١٥). مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢١٣)، حيث قال: "و (هو) أي الصيد (مباح لقاصده) إجماعا لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}. والسنة شهيرة بذلك منها حديث عدي بن حاتم وأبي ثعلبة". (٢) أخرجه البخاري (١٥٨٧) واللفظ له، ومسلم (١٣٥٣) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرَّمه الله لا يُعْضَدُ شوكُه، ولا ينفَّر صيده، ولا يلتقط لُقَطتُه إلا من عرفها".