لمخالفتهم هذه؛ لأن الحديث صحيحٌ (١)، وقد وردت له طرقٌ عديدةٌ (٢)، حتى أوصله بعض العلماء لرتبة التواتر؛ لكثرة طرقه (٣).
• قوله:(مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلأُصُولِ).
لأن الأصل فيما يؤكل أن يذكّى، وهذا أكل بغير ذكاة، لكننا نقول: إنه داخل ضمن قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣].
وقد بيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"ذكاة الجنين ذكاة أمه"(٤): أن الجنين يدخل في تذكية أمه؛ لأنه جُزء منها فلا ينفصل عنها.
• قوله: (وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ: قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن البَقَرَةِ، أَوِ النَّاقَةِ، أَوِ الشَّاةِ يَنْحَرُهَا أَحَدُنَا، فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا، أَنَأْكُلُهُ أَوْ نُلْقِيهِ؟ فَقَالَ:"كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ؛ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ"(٥). وَخَرَّجَ مِثْلَهُ التِّرْمِذِيُّ (٦)،
= "حمله الإمام على التشبيه؛ أي: كذكاة أمه، بدليل أنه روي بالنصب، وليس في ذبح الأم إضاعة الولد لعدم التيقن بموته". يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٧/ ٢٧٠)؛ حيث قال: "قيل له: لم يثبت هذا اللفظ في الحديث لاتفاق الرواة على إسقاطه، سوى أبي خالد الأحمر، ويحتمل أن يكون أبو خالد حمله على المعنى عنده؛ لأنه لما كان المعنى عنده أنَّ معنى: "كاته ذكاة أمه": أن ذكاته في ذكاة أمه، نقل ذلك". (١) صححه الألباني في "الإرواء" (٢٥٣٩). وانظر: "التلخيص الحبير"، لابن حجر (٤/ ٣٨٥). (٢) أخرجه أبو داود (٢٨٢٧)، والترمذي (١٤٧٦)، وابن ماجه (٣١٩٩)، وغيرهم، وانظر: "نصب الراية"، للزيلعي (٤/ ١٨٩ - ١٩٢). (٣) يُنظر: "التلخيص الحبير"، لابن حجر (٤/ ٣٨٥)؛ حيث قال: "قال عبد الحق: لا يحتج بأسانيده كلها، وخالف الغزالي في "الإحياء"؛ فقال: هو حديث صحيح؛ وتبع في ذلك إمامه؛ فإنه قال في "الأساليب": هو حديث صحيح لا يتطرق احتمال إلى متنه، ولا ضعف إلى سنده". (٤) أخرجه أبو داود (٢٨٢٨)، وصححه الألباني. (٥) أخرجه أبو داود (٢٨٢٧)، وغيره، وصححه الألباني. (٦) أخرجه الترمذي (١٤٧٦).