لكن الرواية التي تَصْلح هي الرواية التي أيدها حديث أنسٍ:"مَنْ كان ذبح قبل الصلاة فليُعِد"(١)، أي: صلاة عيد الأضحى، فليعد ذبيحته؛ لأنها أصبحت شاةً من الشياه، ولحمًا من اللحم، وله أن يتصدق به.
* قوله: (وَفِي بَعْضِهَا: "أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ ذَبْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَهُ بِالإِعَادَةِ"(٢)، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ فَحَمْلُ قَوْلِ الرَّاوِي أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَوْلِ الآخَرِ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى مَوْطِنٍ وَاحِدٍ أَوْلَى، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ ذَبَحَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -).
الأحوطُ هنَا أن ينتظرَ الإنسان حتى يصلي، ثم يذبح الإمام ثم يذبح هو، وهذا صعبٌ في هذا الزمان، فمن الصعب معرفة متى يذبح الإمام، لكننا نقدر وقتًا، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"دَعْ ما يريبك إلى ما لا يَريبك"(٣)، فما المَانعُ أن تتأخَّر بعض الوقت حتى تصيب سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* قوله: (فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ المُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ الإِجْزَاءِ إِنَّمَا هُوَ الذَّبْحُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، كَمَا جَاءَ فِي لآثَارِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ:"أَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ"، وَذَلِكَ أَنَّ تَأْصِيلَ هَذَا الحُكْمِ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - يَدُلُّ بِمَفْهُومِ الخِطَابِ (٤) دَلَالَةً قَوِيَّةً أَنَّ الذَّبْحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ يُجْزِئ، لِأَنَّهُ لَوْ كانَ هُنَالِكَ شَرْطٌ آخَرُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِجْزَاءُ الذَّبْحِ، لَمْ يَسْكُتْ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ أَنَّ فَرْضَهُ التَّبْيِينُ).
(١) تقدَّم. (٢) تقدَّم. (٣) أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (٧/ ١٥٥). (٤) يُنظر: "المستصفى" للغزالي (ص ٢٧١) حيث قال في دليل الخطاب: "الدرجة الخامسة: الشرط، وذكر أن الشرط يدل على ثبوت الحكم عند وجود الشرط فقط، فيقصر عن الدلالة على الحكم عند عدم الشرط، أما أن يدل على عدمه عند العدم، فلا".