فكلُّ فريقٍ من الفريقين قد استدَلَّ على قوله بنصوصٍ من السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ:
أما أبو حنيفة رحمه الله فقد استدلَّ بدليلِ وَرَدَ فيه:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى الفارسَ سهمين، سهمًا له وسهمًا لفرَسه"(٢)، فوقَفَ أبو حنيفة عند هذا النصِّ وجَعَلَهُ حُجَّةً له في المسألة.
وأما جمهور أهل العلم: فإنما استدلّوا بعدة أحاديث، منها حديث عبد الله بن عمر السابق المتفَق عليه والذي ورَدَ في "الصحيحين"، وكذلك استدلوا بحديث عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وفيه:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى للفرس سهمين، وللفارس سهمًا"(٣).
ومن أدلتهم أيضًا: ما ورَدَ في يوم خيبر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى أخوين ستة أسهُمٍ، سهمين لهما وأربعةً لفرسيهما"(٤)، وكل هذه الأحاديث
(١) أخرجه البخاري (٢٨٦٣)، ومسلم (١٧٦٢). (٢) لم اقف عليه مسندًا. وإنما ذكره السرخسي في المبسوط (١٠/ ٤١)، حيث قال: "في حديث كريمة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها المقداد - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أسهم له يوم بدر سهمين سهمًا له وسهمًا لفرسه". (٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٤٨٨) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "حين قسم للفرس سهمين وللرجل سهمًا، فكان للرجل، ولفرسه ثلاثة أسهم". (٤) أخرجه الطيالسي في "مسنده" (٢/ ٦٦٧) عن أبي حازم الغفاري، قال: حدثني مولاي أبو رهم، قال: حضرت حنينًا أنا وأخي، ومعنا فرسان "فأسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا أربعة أسهم ولي ولأخي سهمين" فبعنا سهمين من حنين ببكرين. وضعفه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (٤/ ٥٩٩).