بل قد حكى المؤلف رحمه الله - كما سيأتي - إجماع أهل العلم على ذلك، ولم يخالف فيه إلا الإمام أبو ثور (١).
وقد جاء ذكر هذا الصفي في عدة أحاديث ثابتة:
منها ما ورد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - ضمن ما أمر بكتابته - لقوم جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن تشهد ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وتؤدوا الخمس، والصفي (٢).
ومنها أيضًا: حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع وفد بني عبد القيس؛ فقد جاء ذكر فيه الخمس والصفي كذلك (٣).
فدلَّ ذلك: على أن الصفي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه قد انتهى بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وشذَّ أبو ثور: فرأى أنه لا يزال قائمًا!. وقد ردَّ عليه العلماء، وقالوا: إن الإجماع قائم قبله؛ فلا اعتبار برأيه.
* قوله:(وَهُوَ سَهْمٌ مَشْهُورٌ لَهُ - صلى الله عليه وسلم -).
فهذا السهم - وهو الصفي -: خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحده دون غيره، وقد اصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَّ المؤمنين صفية - رضي الله عنهما - من الغنيمة، وأصبحت زوجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك (٤).
(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٣٤٦)، حيث قال: "وأجمعوا: أن (الصفي) ليس لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن أبا ثور حكي عنه أنه قال: الآثار في الصفي ثابتة". (٢) أخرجه البخاري (٥٢٣) واللفظ له، ومسلم (١٧/ ٢٣) عن ابن عباس، قال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إنا من هذا الحي من ربيعة ولسنا نصل إليك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بشيء نأخذه عنك وندعو إليه من وراءنا، فقال: "آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله، ثم فسرها لهم: شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا إليَّ خمس ما غنمتم، وأنهى عن: الدباء والحنتم والمقير والنقير". (٣) انظر ما قبله؛ ولم أجد فيه ذكر الصفي. (٤) سيأتي تخريجه.