إلى آخر الآيات التي تعرض لذلك، والكلام عن ذلك يطول.
ومحلُّ الشاهد الذي نحتاج إليه هنا في هذا المقام: هو أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى عيينة بن حصن - وهو زعيم قومه - كما جاء في بعض الروايات:"يعرض عليه ثلث تمر الأنصار؛ مقابل أن يرجع بقومه وأن يخرج الأحزاب؟ فأبى ذلك، واشترط أن يعطيه رسول الله ووخص نصف ذلك التمر، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن استشار: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ؟ فأبوا ذلك"(١).
وفي رواية أُخرى: أن زعيمًا من زعماء الكفار ممن كانوا مع الأحزاب، أرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه نصف تمر المدينة، مقابل أن يخرج عن الأحزاب؟ فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن قال:"حتى أسأل السعود") (٢).
(١) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٢/ ٧٣) عن أبي المسيب قال: لما كان يوم الأحزاب حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب وحتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إنك إن تشأ لا تعبد". فبينا هم على ذلك أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عيينة بن حصن بن بدر: "أرأيت إن جعلت لكم ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك من غطفان وتخذل بين الأحزاب؟ " فأرسل إليه عيينة: إن جعلت لي الشطر فعلت. فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فأخبرهما بذلك فقالا: إن كنت أمرت بشيء فامض لأمر الله، قال: "لو كنت أمرت بشيء ما أستأمر بكما، ولكن هذا رأي أعرضه عليكما"، قالا: فإنا نرى أن لا نعطيهم إلا السيف. (٢) أخرجه البزار في "مسنده" (١٤/ ٣٣٧) عن أبي هريرة، قال: جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد ناصفنا تمر المدينة وإلا ملأناها عليك خيلًا=