فقد كان الواحد يلزمه الوقوف أمام العشرة في أول الأمر؛ ثم قال الله سُبْحانه وتعالى في الآية التي تليها:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفً}[الأنفال: ٦٦]، فخفَّف الله على المؤمنين؛ فصار الواحد يقف أمام الاثنين فقط، ولا يفرُّ من أمامهم.
هذا القول في حقيقة الأمر: ضعيف، وإنما القول المشهور:
(١) ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٨)، حيث قال: " (و) حرم (فرار) من العدو (إن بلغ المسلمون) الذين معهم سلاح (النصف) من عدد الكفار كمائة من مائتين (ولم يبلغوا)، أي: المسلمون (اثني عشر ألفًا) فإن بلغوا حرم الفرار ولو كثر الكفار جدًّا ما لم تختلف كلمتهم". ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٢٤٣)، حيث قال: " (إذا لم يزد عدد الكفار على مثلينا) للآية وهو أمر بلفظ الخبر، وإلا وقع الخلف في خبره تعالى وحكمة وجوب مصابرة الضعف أن المسلم يقاتل على إحدى الحسنيين الشهادة أو الفوز بالغنيمة مع الأجر والكافر يقاتل على الفوز بالدنيا فقط، أما إذا زادوا على المثلين فيجوز الانصراف مطلقًا وحرم جمع مجتهدون الانصراف مطلقًا إذا بلغ المسلمون اثني عشر ألفًا". ومذهب الحنابلة، يُنظر: "منتهى الإرادات" لابن النجار (٢/ ٢٠٦)، حيث قال: "ولا يحل للمسلمين فرار من مثليهم". (٢) يُنظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (٣/ ١٧١)، حيث قال: "وروى ابن الماجشون عن مالك أنه قال: الجلد وهو السلاح والقوة".