وبعد أن فتح اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مكة لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- دخلَ من كان بقي منهم على كفره، في دين اللَّه تعالى أفواجًا.
فهذه الدعوة الإسلامية تبيِّن للناس الحقَّ.
وقد قال اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥].
وقد أرسل اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الرسل: لهداية الناس، وليبيِّنوا لهم طريق الهداية والخير، ويدعوهم إليه، وليبيِّنوا لهم طريق الضلال، ويحذرونهم منه، فالفائز مَن سلك طريق الرشاد، والهالك: مَن سلك طريق الغواية والضلال.
عرفنا أن الدعوة -إذا لم تكن سابقة في أوَّل الأمر-: فهي مطلوبة، وهذا يلتقي مع الأمثلة.
(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٦)، حيث قال: " (ودعوا) وجوبًا (للإسلام) ثلاثة أيام بلغتهم الدعوة أم لا ما لم يعاجلونا بالقتال". أما مذهب الشافعية: أنه إذا بلغتهم الدعوة فانهم يقاتلوا. يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٢٤٢)، حيث قال: "ولا يقاتل من علمنا أنه لم تبلغه الدعوة بهذا ولا بغيره حتى يعرض عليه الإسلام وإلَّا ضمن خلافًا لمن قال: إن عرضه عليه مستحب، أما من بلغته فله قتله ولو بما يعم وسبي تابعيه إلى أن يسلم ويلتزم الجزية إن كان من أهلها". (٢) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٣٣)، حيث قال: "ويحرم قتال من لم تبلغه الدعوة قبلها. وتسن دعوة من بلغته للخبر". (٣) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٠/ ١٢٠)، حيث قال: "ولا شيء على مَن قتل المرتدين قبل أن يدعوهم إلى الإسلام؛ لأنهم بمنزلة كفار قد بلغتهم الدعوة، فإن جددوها فحسن، وإن قاتلوهم قبل أن يدعوهم فحسن".