سبق أن قلنا: إنه ليس قصد المؤلف -رَحِمَهُ اللَّهُ- بقوله:"وهو حديث متفق على صحته" أن الحديث في "الصحيحين"؛ لكن مراده أن العلماء اتفقوا على أنه حديث صحيح، وهذا يكفي.
سبق أن بيَّنا أن الحاج يظل طول حجه في ذكر للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فالمسلم منذ أن يلبس الإحرام -الإزار والرداء- وهو في ذكر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ في تهليل، وفي تسبيح، وفي تكبير، وفي قراءة للقرآن، وفي دعاء؛ فلا ينبغي للمسلم: أن ينفك عن ذلك؛ لأن الدعاء هو العبادة؛ كما جاء في الحديث (٣)، فلو أخلص العبد فيه؛ فإنه بذلك ينال أجرًا عظيمًا.
الزعم بأن المسلمين قد أجمعوا على ترك الأخذ بجميع ما في هذا الحديث - أمر غير مسلَّم؛ وذلك من وجهين:
الوجه الأول: هذا الحديث اشتمل على الوقوف بعرفة، وهو أمر
(١) التفث في المناسك: ما كان من نحو قص الأظفار والشارب وحلق الرأس والعانة، ورمي الجمار، ونحر البدن وأشباه ذلك. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٧٤). (٢) أخرجه أبو داود (١٩٥٠)، وصحح إسناده الألباني في "صحيح أبي داود" (١٧٠٤). (٣) أخرجه أبو داود (١٤٧٩) عن النعمان بن بشير، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الدعاء هو العبادة {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] ". وقال الألباني: "إسناده صحيح" في "صحيح أبي داود" (١٣٢٩).