فيها ذوب قلبه وفؤاده، ويُقْبل على اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- معرضًا عن كل ما سواه، هذه هي المواضع التي فيها التجارة التي لا يخسر مَنْ يقدم صفقة فيها، أليس اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قال في شأن المجاهدين:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ}[التوبة: ١١١]، {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)} [مريم: ٦٣].
وليست قضية إجماع؛ لأنها غير مسلم بها، فَهي رواية الحنابلة، لكن نحن نقول: هذا هو القول الصحيح الذي تَلْتقي حوله الأدلة، فَلَك أن تأتي من بعد الفجر، لَكن القصد ألا تنصرف؛ لأنك لو انصرفتَ قبل الزوال، فأكثر العلماء يَرَون أنَّ حجَّك غير صحيحٍ، لكن لو حصل انصرافٌ بعد الزوال، فإنه يلزمك دمٌ، ويبقى الخلاف على الرواية في مذهب مالك، رحم اللَّه الجميع (٣).
(١) تقدَّم قريبًا. (٢) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٧٦)، حيث قال: "وأجمعوا أن مَنْ وقف بها يوم عرفة قبل الزوال، وأفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتد بها، وإن لم يرجع فيقف (بعده) أو في ليلته تلك قبل الفجر، فقد فاته الحج"، وتقدَّم مذهب أحمد في ذلك. (٣) تقدَّم.