وَقَّت الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- لنا هذه المواقيت، ولم يدع ذلك لاجتهادنا؛ لأن تلكم المواقيت إنما تتعلق بعبادة هي ركن من أركان الإسلام، فأراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرسم لنا هذا الطريق ولا يتركنا ليتوزع اجتهادنا؛ فنختلف حول تحديد ذلك، فوضع لنا تلك المواقيت، كما في حديث عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- المتفق عليه:"وَقَّتَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل المدينة: ذا الحُليفة، ولأهل الشام: الجحفة، ولأهل نجد: قرن يلملم"(١)، وفي حديث آخر زيادة:"ولأهل العراق: ذات عرق"(٢)، فهذه مواقيت خمسة، والخامس فيه اختلاف: هل الذي وَقَّته هو عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- لمَّا لم يبلغه توقيت الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم بلغه أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَّته، فصادف ما فعله عمر موافقًا لما حَدَّده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو وقته النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وستأتي الإشارة إلى ذلك إن شاء اللَّه.
وأيضًا في حديث عبد اللَّه بن عمر المتفق عليه: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"يُهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجُحفة، وأهل نجد مِن قرن -يعني قرن المنازل- وأهل اليمن مِن يَلملم"(٣)، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث عبد اللَّه بن عباس الأول:"هُنَّ لهن ولمَن أَتَى عليهن مِن غير أهلهن مِمَّن أراد الحج والعمرة، ومن كان مِنزله دون ذلك فَمِن حيث أَهَلَّ حتى أهلُ مكة (٤) يهلون -أي: ينشئون من حيث كانوا- من مكة".