رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"هذا يومُ عاشوراء، ولم يكتبِ اللَّهُ عليكم صيامَه، وأنا صائم، فمن شاء فليصُمْ، ومن شاء فليُفطِر".
فلو كان واجبًا لم يُبَحْ فطره، فإنما سمي الإمساك صيامًا تجوزًا، بدليل قوله:"ومن كان أصبح مفطرًا، فليصُم بقيةَ يومه".
ولم يُفرِّق بين المفطِر بالأكل وغيره. وقد روى البخاري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر رجلًا:"أنْ أذِّنْ في الناس أنَّ مَن كان أكل فليَصُم بقية يومه".
وقد اختلف في صوم عاشوراء، هل كان واجبًا؟
فذهب بعضهم: إلى أنه لم يكن واجبًا. واستدلوا بشيئين:
أحدهما: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر من لم يأكل بالصوم، والنية في الليل شرط في الواجب.
والثاني: أنه لم يأمر من أكل بالقضاء، ويشهد لهذا ما روى معاوية قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"إن هذا يومُ عاشوراء، لم يكتب اللَّهُ عليكم صيامَه، فمن شاءَ فليصُمْ، ومن شاء فليُفْطِر". وهو حديث صحيح.
وقال بعضهم: كان مفروضًا؛ لما روت عائشة -رضي اللَّه عنها-: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صامه وأمر بصيامه، فلما افتُرِض رمضان كان هو الفريضة، وترك عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه. وهو حديث صحيح. وحديث معاوية محمول على أنه أراد: ليس هو مكتوبًا عليكم الآن.
(١) أخرجه أحمد (٢٢٥٣٠)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح. (٢) يُنظر: "اللباب في الفقه الشافعي"، للمحاملي (ص: ١٩٠)، حيث قال: "وأما المكروه من الصوم فعشرة: صوم المريض، والمسافر، والحامل. . . وصوم يوم عرفة للحاج".