ولا شكَّ أنَّ هذا القول على خلاف ما مرَّ في الأحاديث الصحيحة، منْ أنّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبَّل وهو صائمٌ، وأنه سئل عنها فأجازها.
وقوله هنا:"أفطرا جميعًا"، يعني المُقبِّل والمُقبَّل، لكنه أثرٌ ضعيفٌ (١)، خرجه الطحاوي وغيره (٢)، فلا يقوَى على معارضة الأحاديث الصحيحة الصريحة المتفق عليها في هذا المقام.
٤ - ومنهم من قال: إنها جائزةٌ للشيخ مكروهةٌ للشاب: وهو المحكي عن عبد اللَّه بن عباس (٣) -رضي اللَّه عنهما-.
وعلَّة هذا القول: أنَّ شهوة الشاب تتوقد فيخشى ألا يملك إرَبه فيقع في المحذور، أما الشيخ فقد مرت به السنون وضعفت شهوته فلا يُخشى عليه في هذا غالبًا.
وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سئل عن القبلة للشيخ فأجازها، ثم أتاه آخر فسأله فرخَّص له، ثم أتاه آخر فسأله فنهاه (٤).
قال: فوجدوا أنَّ الذي أذن له شيخٌ، وأنَّ الذي نهاه إنما هو شابٌّ، ولكن في سنده مقالٌ.
= صائمٌ؟ قال: "يقضي يومًا مكانه" قال سفيان: "ولا يؤخذ بهذا". وانظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٣/ ١٣٦). (١) قال الدارقطني في سننه (٣/ ١٥٢): لا يثبت، وأبو يزيد الضبي ليس بمعروفٍ. وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" (ص: ١١٦): هذا حديث منكرٌ، لا أحدِّث به. (٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ١٥٢). (٣) أخرجه البيهقيُّ في "السنن الكبرى" (٤/ ٣٩١)، عن عطاء بن يسار، أنَّ ابن عباسٍ سئل عن القُبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب. (٤) أخرجه أبو داود (٢٣٨٧) عن أبي هريرة، أنَّ رجلًا سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المباشرة للصائم، "فرخص له"، وأتاه آخر، فسأله،، "فنهاه"، فإذا الذي رخص له شيخٌ، والذي نهاه شابٌّ. وقال الألباني في صحيح أبي داود حسن صحيح.