فقد نجد فقيرًا، مسكينًا، رثَّ الثياب، ربما لو رفع يديه إلى السماء فقال: يا رب، يا رب. لاستجاب اللَّه -عزَّ وجلَّ- دعائه!
وربما نجد إنسانًا خزائنه مملوءة بالأموال، وله مظهر حسن، وجمال، وغير ذلك، ولا ينظر اللَّه إليه، فيرفع يديه إلى السماء ويقول: يا رب، يا رب. ولكن حاله -كما في الحديث- "مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟ "! (١).
فهذه الأمور تخضع بشيء واحد؛ وهو التقوى، كما قال اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣].
هذه -في حقيقة الأمر- تفصيلات عند بعض العلماء؛ فبعضهم يقول: لو احتاج إلى خادم فيعطى من الزكاة، ولو احتاج أيضًا لشراء مسكنٍ، فيعطى؛ ليستكف به، ويحفظ نفسه، وأولاده فيه.
(١) أخرجه مسلم (١٠١٥) عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيها الناس، إن اللَّه طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن اللَّه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)} [المؤمنون: ٥١]. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢] "، ثم ذكر الرجل "يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك؟ ". (٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٣/ ٢١٠) حيث قال: "وقال الليث: يعطى مقدار ما يبتاع به خادمّا إذا كان ذا عيال وكانت الزكاة كثيرة".