ثلاثُّ منها في المفصل وهي التي لم يأخذ بها الإمام مالك؛ لحديث عكرمة عن ابن عباس أنه عندما تحوَّل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يسجد في المفصل، ومثله أيضًا حديث أبي الدرداء، وكلا الحديثين فيه ضعف، فلا يصلحان للاحتجاج بهما، وإنما الدليل الفصل في ذلك هو حديث عمرو بن العاص؛ فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علّمه خمس عشرة سجدة، ولكنَّ الشافعي والحنابلة أجابوا عما في سورة ص بأنها من غير العزائم، وإنَّما هي سجدة شكر؛ لأدلة أُخرى استدلوا بها.
والدليل على ذلك: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما قرأها مرة تشزَّن الناس: يعني: تهيؤوا للسجود، فنزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسجد، وقوله:"رأيتُكم تشزَّنتُم للسُّجودِ": يعني: تهيَّأ تللسجود، "فسجدت". ثم بيَّن -عليه الصلاة والسلام- أنها توبة نبي، وأنَّ المسلمين إنما يسجدونها سجود
= والثانية عشر: في المفصل في سورة النجم وهي قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)} [النجم: ٦٢]. والثالثة عشر: في المفصل فى سورة: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} وهي قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)} [الانشقاق: ٢١] والرابعة عشر: في المفصل في سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] فهذه سجدات العزائم فأما ص وهي قوله سبحانه: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] فهي سجدة شكر لا عزيمة، وبذلك قوله أكثر أهل العلم". (١) سيأتي في كلام المصنف.