صدر المؤلف الأقوال بقول الإمام الشافعي؛ لأن الشافعية يرون أن جميع السنن ذات الأسباب تُصَلَّى في أيِّ وقت من الأوقات، وهذه المسألة مرتبطة بأوقات النهي الخمسة التي ثَبتت عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأحاديث صحيحة بعضها في "الصحيحين"، وبعضها في "صحيح مسلم" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يُصَلَّى فيها، فقد ثبت في "الصحيحين" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال -في عدة أحاديث-: "لا صَلَاة بعد صلاةِ الصُّبْح حَتَّى تَطلع الشمسُ، ولا صلاةَ بعد صلاة العَصر حَتَّى تَغرب الشمسُ"(١).
وجاء في حديث عقبة بن عامر الذي أخرجه مسلم وغيره أنه قال:"ثلاثُ ساعاتٍ نهانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نُصَلِّي فيهن، أو أن نَقبر فيهن موتانا؛ حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع. . . "(٢)، وهي التي يتكلم عنها الفقهاء، فيقولون: حتى ترتفع قيد رمح (٣)، "وحين يقوم قائم الظهيرة"؛ أي: حين تتوسط الشمس في كبد السماء في وقت الزوال، "وحين تَضيف الشمس للغروب"؛ أي: تميل للغروب (٤).
فهذه أوقات خمسة ثبت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الصلاة فيها، فهل النهي على إطلاقه؟
(١) أخرجه البخاري (٥٨٦) ومسلم (٨٢٧/ ٢٨٨)، عن أبي سعيد الخدري، يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا صلاةَ بعد الصُّبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس". (٢) أخرجه مسلم (٨٣١). (٣) قِيد رمح بالكسر، وقاد رمح؛ أي: قدر رمح. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٢٩). (٤) يُنْظَر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٤٠٣)، حيث قال: "قَالَ أَبُو الحَسَنِ: حَكَى ابْنُ الجَلَّاب فِي وَقْتِهَا ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ عَنْ مَالِكٍ؛ إحْدَاهَا أَنَّهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ؛ كَصَلَاةِ العِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ".