فاللَّه -سبحانهُ وتعالى- رَفَعَ الحرج عن هذه الأمة، والأدلة على ذلك كثيرة في كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وأَمَّا سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهي مليئة بمثل ذلك، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- عندما أرسل معاذًا وأبا موسى إلى اليمن بِمَ أوصاهما؟ قال:"يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا"(١).
وقال -عليه الصلاة والسَّلام- أيضًا في الحديث الصَّحيح:"إنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرِين، ولَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرين"(٢).
و"ما خُيَّر رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أمرين؛ أحدهما أَيْسَر من الآخر إلا اختار أَيْسَرَهما، ما لم يكن إثمًا"(٣)، وبُعِث -عليه الصلاة والسلام- بالحَنِيفية السَّمحاء، والأحاديث كثيرةٌ جدًّا.
ومِن مجموع هذه الأدلة في كتاب اللَّه -عزَّ وجلَّ- وفي سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أَسَّسَ العلماء القاعدة المعروفة؛ إحدى القواعد الخمس الكبرى:"المَشقة تَجلب التيسير".
فقد أخذها العلماء من النصوص، وقالوا: إنَّ الرُّخص في هذه الشريعة والتَّخفيفات إنَّما مدارها على هذه القاعدة: "المَشقة تَجلب التَّيسير".
وهذه القاعدة لم يَضعها العلماء ارتجالًا، وإنما أخذوها واستمدوها من كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ ومن سُنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونحن لو أردنا أن نتتبع سيرة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أقواله، وفي أيضًا أفعاله وفي توجيهاته وفي تقريراته -لوجدنا أنه -عليه الصلاة والسلام- إنَّما كان يُوَجِّه إلى التيسير.