أي: أجازه مالك في الطين، والمراد به هنا: الوَحَل أو الوَحْل بإسكان الحاء أو فتحها، وصورته: أن ينزل الماء فيختلط بالطين فيتكون الوحل؛ فالمالكية (١) والحنابلة (٢) قالوا: يُجمع بين الصلاتين في الوحل إذا ترتب على ذلك مشقة، فالعلة الموجودة في المطر -وهي لحوق المشقة- موجودة أيضًا في الوحل.
ووافقهم على هذا بعض الشافعية، واعتبروه وجهًا قويًّا في المذهب، وإن كان المعروف من مذهب الشافعية: أنه لا يجمع بين الصلاتين لأجل الوحل -الذي سَمَّاه المؤلف الطين-، ولا لأجل المرض (٣).
(١) يُنْظَر: "الشرح الكبير" (١/ ٣٧٠)، حيث قال: " (و) رخص ندبًا؛ لمزيد المشقة (في جمع العشاءين فقط). . . (لمطر) واقع أو متوقع، (أو طين مع ظلمة) للشهر، لا ظلمة غيم لـ (طين) فقط على المشهور، (أو ظلمة) فقط اتفاقًا". (٢) يُنْظَر: "شرح منتهى الإردات" للبهوتي (١/ ٢٩٨، ٢٩٩)، حيث قال: "ويجمع في ثمان حالات. . .، (ويختص بالعشاءين ثلج وبرد وجليد ووحل). . .، والوحل أعظم مشقة من البرد، فيكون أولى. ويدل عليه حديث ابن عباس: "جمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة من غير خوف ولا مطر"، ولا وجه يحمل عليه مع عدم المرض إلا الوحل. قال القاضي: وهو أولى مِن حمله على غير عذر". (٣) يُنْظَر: "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" للرملي (٢/ ٢٨٢)، حيث قال: "لا جمع بغير السَّفر والمطر؛ كمرض، وريح، وظلمة، وخوف، ووحل، وهو الأصح المشهور؛ لأنه لم ينقل، ولخبر المواقيت فلا يُخالف إلا بصريح. . .، وحكى في "المجموع" عن جماعة من أصحابنا جوازه بالمذكورات، وقال: إنه قوي جدًّا في المرض والوحل". (٤) عذل: العذل؛ اللوم. انظر: "العين" (٢/ ٩٩)، "لسان العرب" (١١/ ٤٣٧).