ففي قوله:"من اغتسل يوم الجمعة" في بعض الروايات: "غسل الجنابة"(١). أي: غسلًا كغسل الجنابة، وليس المراد الغسل من الجنابة هنا - قالوا:"ثم" تفيد الترتيب، أي: أنها تدلُّ على التراخي، إذن اغتسل ثم ذهب (٢).
وقد جاء حديث صحيح عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- أنه قال: يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد مسلم يسأل اللَّه سبحانه وتعالى شيئًا إلا أعطاه اللَّه سؤله، فالتمسوها بعد العصر (٣). وفي بعض الروايات: آخر ساعة بعد العصر (٤).
= صلاة العيد لقرب الزمن وبأنه لو لم يجز قبل الفجر لضاق الوقت وتأخر عن التكبير إلى الصلاة (لكنه)، أي: غسل الجمعة (عند الرواح) إليها (أولى) من تقديمه وكلما قرب منه كان أولى؛ لأنه أفضى إلى الغرض من التنظيف". وانظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٤٢٧). وانظر في مذهب الحنابلة: "الهداية"، للكلوذاني (ص: ١١١)، وفيه قال: "يستحب لمَن أراد الجمعة أن يغتسل لها، وقيل: الغسل واجب، ووقته بعد طلوع الفجر، والأفضل أن يفعله عند الرواح". وانظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (١/ ١٧٦). أما مذهب المالكية: فيشترط أن يتعقبه الرواح، والرواح عندهم كما سبق هي الساعة المتصلة بزوال الشمس. فلا يجزئه إلا عند الذهاب إلى الجمعة. انظر: "التاج والإكليل"، للمواق (٢/ ٥٤٣)، وفيه قال: " (وسن غسل متصل بالرواح ولو لم تلزمه) ابن عرفة: الغسل لها مطلوب وصفته وماؤه كالجنابة والمعروف أنه سنة لآتيها ولو لم تلزمه، والمشهور شرط وصله برواحها ويسير الفصل عفو". وانظر: "الكافي في فقه أهل المدينة"، لابن عبد البر (١/ ٢٤٩). (١) تقدَّم تخريجه، وهي في "الصحيحين". (٢) قال النووي: "ودليل مالك على اشتراط الذهاب عقب الغسل (قوله) -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح" إلى آخر الحديث ولفظة: (ثُمَّ) للتراخي". انظر: "المجموع شرح المهذب" (٤/ ٥٣٦). (٣) قال الحافظ ابن حجر: "روى ابن جرير من طريق صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن أبي سعيد مرفوعًا، بلفظ: "فالتمسوها بعد العصر"". انظر: "فتح الباري" (٢/ ٤١٩). (٤) أخرجه أبو داود (١٠٤٨)، عن جابر بن عبد اللَّه، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "يوم الجمعة ثنتا عشرة -يريد- ساعة، لا يوجد مسلم يسأل اللَّه عز وجل شيئًا، إلا أتاه اللَّه عز وجل، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر". وصححه الألباني في: "صحيح أبي داود - الأم" (٩٦٣).