ولذلك عائشة -رضي اللَّه عنها- بيَّنت أنَّ النساء كن يخرجن متلفعات لا يُعرفن من شدة الغلس (١)، وقالت:"لو رأى رسولُ اللَّه ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد"(٢).
إذًا يصلين، لكن القصد ألَّا يخلو رجل أجنبي بنساء وحده، وأمَّا في المساجد فغير ممنوع.
فأمَّا إمامتها النساء فأجاز ذلك الشافعي (٤)، وأحمد (٥)، ومعلوم أنَّ أم
= ويُنظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٤٨٣)، وفيه قال: " (و) يكره (أن يؤم رجل) أنثى (أجنبية فأكثر، لا رجل معهن)؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يخلو الرجل بالأجنبية، ولما فيه من مخالطة الوسواس. (ولا بأس) أن يؤم (بذوات محارمه) أو أجنبيات معهن رجل فأكثر؛ لأن النساء كن يشهدن مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة". (١) أخرجه البخاري (٥٧٨)، واللفظ له، ومسلم (٦٤٥/ ٢٣٢)، عن عائشة، قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغَلس". والغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح. انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٣/ ٣٧٧). (٢) أخرجه البخاري (٨٦٩)، ومسلم (٤٤٥/ ١٤٤)، واللفظ له، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها سمعت عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تقول: "لو أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد، كما مُنعت نساء بني إسرائيل. قال: فقلت لعمرة: أنساء بني إسرائيل مُنعن المسجد؟ قالت: نعم". (٣) سبق ذكر مذهب المالكية. (٤) يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٣٥٦)، وفيه قال: "مذهب الشافعي أنه يستحب لها أن تؤم النساء فرضًا ونفلًا". وانظر: "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"، للشربيني (١/ ١٦٦). (٥) يُنظر: "كشاف القناع عن متن الإقناع"، للبهوتي (١/ ٤٧٩)، وفيه قال: " (وتصح) إمامة المرأة بنساء، لما رواه الدارقطني عن أم ورقة "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَذِن لها أن تَؤُم نساء أهل دارها"".