النعمان أرسل إلى بني شيبان يطلب ما أودع عندهم، فامتنعوا من تسليمه، فجهز لهم الجيوش واجتمعوا في مكان يعرف بذي قار فثبتت العرب وأبلت بلاء حسنا وانهزمت العجم، وذلك بعد البعثة النبوية وقبل الهجرة.
وكان كسرى قد ولى على الحيرة إياس بن قبيصة الطائي فلما ضعف أمرهم عن قتال العرب عاد بنو لخم إلى ملكهم فتولى الأسود بن المنذر أخو النعمان، ثم المنذر الخامس بن النعمان، وهو آخر ملوك العراق، وفي زمنه استولى خالد ابن الوليد على الحيرة فصالحه أهلها كما هو مسطور في كتب الفتوح.
وصاحب هذه الترجمة النعمان بن المنذر ذهب جماعة من ثقاة المؤرخين إلى أنه صاحب الغريين، ويومي البؤس والنعيم، وقاتل عبيد بن الأبرص وقد أوردنا الكلام على كل ذلك في ترجمة المنذر بن ماء السماء السالفة فارجع إليه، وأنت تعلم أن مثل هذه الحوادث من وقائع الأجيال الخالية لا يجد المؤرخ اليوم ما يعول عليه فيها إلا النقل وتحري أصح الأقوال وقد تعارضت في هذا الأمر الآراء وصعب الترجيح فانظر وتأمل واختر ما يقوى لديك.
قيس بن زهير
مات سنة ١٠ هـ
الأمير قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي: أمير عبس وداهيتها وأحد السادة القادة في عرب العراق، كان يلقب بقيس الرأي؛ لجودة رأيه وهو معدود في الأمراء، والدهاة، والشجعان، والحكماء، والخطباء، والشعراء؛ فأما إمارته فقد ورثها عن أبيه زهير بن جذيمة أمير عبس من قبله، وأما دهاؤه ففيه المثل السائر «أدهى من قيس»، وأما شجاعته فحروبه مع بني فزارة وذبيان شاهد صدق على ما يقال، وأما كلمته فله في أقواله غرر تحفظ من الشعر والنثر، وهو خطيب