ولما مات يزيد بن الوليد بن عبد الملك قام بعده بالأمر أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، وكان ضعيفا مغلوبا على أمره مغلول اليد فازدراه أتباعه، فكانوا تارة يسلمون عليه بالخلافة، وتارة بالإمارة، وتارة لا يسلم عليه بواحدة منهما، فمكث سبعين [يوما](وذلك سنة ١٢٦ هـ - ١٢٧ هـ) فثار عليه مروان ابن محمد بن مروان، وكان والي أذربيجان ودعا إلى نفسه بالخلافة وسار إلى الشام؛ فأنفق أموالا استمال بها الجند إليه، وعرف إبراهيم عجزه عن دفع هذه الغائلة، وكان على ما عرفت من الضعف، ففر واختفى، فاستولى مروان على الشام، ثم أمن إبراهيم فظهر، واستقرت الخلافة لمروان سنة ١٢٧ هـ.
مروان بن محمد
ولد سنة ٧٣ وقتل سنة ١٣٢ هـ
قدمنا أن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وثب على إبراهيم بن الوليد فاغتصب الملك منه، ونرى أن المروان هذا ذكرا كثير الورود في التاريخ فلا ينبغي إغفاله، وإن لم يكن قد أبقى من الآثار ما يذكر به، فأيامه ليست من أيام إبقاء الآثار وتخليد الذكر، ولاه هشام بن عبد الملك على إرمينية (سنة ١١٤ هـ) فسار إليها وافتتح بلادا وقلاعا، واستولى على ولايات كثيرة من إرمينية إلى طبرستان، وفي سنة ١٢٧ هـ كان عاملا على أذربيجان فبلغه ما أصاب الدولة الأموية، وهي على ما رأيت من ضعف الكلمة وتقهقر السلطان واضطراب الحال، فدعا الناس إلى البيعة له فبايعوه وقدم بجيش كثيف إلى الشام فخلع إبراهيم واستوى على عرش بني مروان، فكثرت في أيامه فتن الثائرين والمخالفين لما انبث بهم من روح الشقاق والخروج عن طاعة هذه الطائفة المالكة فكان كلما رأب صدعا انصدع رأب، وكلما داوى جرحا سال جرح، وسترى في الكلام على خلفاء بني العباس ما صنعوه من بث الدعوة إليهم وتحريض الناس على نزع بيعة بني أمية والناس عبيد