قتل الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي والأبصار حائمة على شخصه المحبوب، فانقلبت القلوب تبكيه والألسن تنعاه وترثيه واتخذ بنو هاشم مقتله وما عم من الحزن عليه ذريعة لبث الضغينة في المسلمين على بني أمية وأحلافهم ومحضا يثيرون به نار الحقود والبغضاء؛ فكانوا كلما آنسوا من أنفسهم قوة هيجوا فريقا من أشياعهم فثار على من عاصره من خلفاء بني أمية فلم يظفروا بدأة ذي بدء لما كان أولئك قد اتخذوه لأنفسهم من الوقاية وما عدوه من العدة حتى كان العام الأخير من القرن الأول للهجرة فكثرت أنصارهم ونبغت نابغتهم وعددت مثالب الدولة المالكة وأحصيت هفواتها وزلاتها وكان مرجع الهاشميين في ذلك الحين إلى رجلين هما: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وأبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، ثم مات أبو هاشم مسموما قيل سمه سليمان بن عبد الملك وأوصى أصحابه والدعاة إليه بمتابعة محمد ابن علي، وكان محمد ينزل أرض الشراة من أعمال البلقاء بالشام فأقبلوا عليه فبايعوه سرا كما كانوا يبايعون من قبله فاختار منهم رجالا وثق بهم فسيرهم إلى الآفاق لبث الدعوة إليه، وكتب لهم كتابا يكون لهم مثالا وسيرة يسيرون بها وهو أشبه بنظام جمعية سرية ثورية، فانصرفوا وهم كلما شك فيهم شال من ولاة بني أمية أظهروا أنهم يشتغلون في التجارة وفي سنة ١٠٧ هـ وشى بجماعة منهم في خراسان واش إلى أميرها أسد بن عبد الله فقطع أيدي من ظفر به منهم وصلبهم