فكتب بعضهم بذلك إلى محمد بن علي فأجابه: الحمد لله الذي صدق دعوتكم وحقق مقالتكم وقد بقيت منكم قتلى ستعد.
ومن غريب أمرهم أن أسد بن عبد الله علم بدعاة منهم سنة ١٠٩ هـ فقبض على أحد عشر رجلا يرأسهم زياد أبو محمد مولى همدان فقتله أسد وعرض البراءة منه على أصحابه فمن تبرأ خلى سبيله، فتبرأ اثنان فتركا، وأبى البراءة ثمانية فقتلوا، فلما كان الغد أقبل أحد الاثنين إلى أسد فقال: أسألك أن تلحقني بأصحابي! فقتله.
وسنة ١٢١ هـ أعلن العصيان زيد بن علي بن الحسين في الكوفة فكان من أمره ما ذكرناه في ترجمة هشام وقتل سنة ١٢٢ هـ، وفي سنة ١٢٥ هـ توفي محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس وأوصى إلى ابنه إبراهيم بن محمد بالقيام بأمر الدعوة، وفي سنة ١٢٦ هـ وجه إبراهيم ابن محمد الإمام أبا هاشم بكير بن ماهان وهو من أمنائه إلى خراسان، فقدم مرو وجمع النقباء والدعاة فنعى محمد بن علي، ودعا إلى ابنه إبراهيم فقبلوه ودفعوا إليه ما اجتمع عندهم من الأموال وكانت الشيعة تدفع إلى النقباء في كل سنة خمس أموالها يستعينون به على بث الدعاة في البلاد، فعاد بكير إلى إبراهيم بالأموال.
وفي سنة ١٢٨ هـ كان قد اتصل بإبراهيم بن محمد أبو مسلم الخراساني واسمه عبد الرحمن بن مسلم (انظر ترجمته) ورأى منه ما جعله يثق به فوجهه إلى خراسان وكتب إلى من بها من الشيعة أن يأتمروا بأمره ويطيعوه، فأبوا ذلك واستصغروا سنه، وكان في التاسعة عشرة، ثم شافههم به إبراهيم فأطاعوه، وفي شهر شعبان من سنة ١٢٩ هـ نزل أبو مسلم قرية من قرى مرو يقال لها فنين، فجمع حوله النقباء ورؤساء الشيعة وفرقهم في البلاد، وأمرهم أن يظهروا الدعوة في الليلة الخامسة والعشرين من شهر رمضان في جميع الآفاق بيوم واحد، ومن خالفهم قاتلوه، وذلك بعد أن اعتقد ضعف خلفاء بني أمية ونفرة الناس منهم