للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكثرة عدد الشيعة في الأقطار، فتفرق أصحابه في طخارستان، ومرو، الروذ، والطالقان، وخوارزم، ثم انصرف هو [إلى] منزل قرية سفيذنج من قرى مرو في الليلة الثانية من رمضان، فبث الدعاة في الناس وأظهر أمره فأتاه أهل ستين قرية من قرى خراسان، وأمير خراسان نصر بن سيار مشتغل في قتال جماعة خرجوا عليه، ولما كانت ليلة الخميس في ٢٥ رمضان سنة ١٢٩ هـ، وهو اليوم الموعود المتفق عليه عقد أبو مسلم لواء كان إبراهيم الإمام قد بعث به إليه يدعى الظل على رمح طوله أربع عشرة ذراعا ونشر راية تدعى السحاب ولبس هو وأصحابه السواد، وأوقد النيران في الليل وكانت علامتهم، فاجتمعت إليه شيعته وقدمت عليه الرجال وكتب كتابا إلى نصر بن سيار فوجه إليه نصر جيشا عليه مولاه يزيد، وعلم به أبو مسلم فسير إليه جيشا عليه مالك بن الهيثم الخزاعي فتلاقيا بقرية تعرف بالين فأسر يزيد وانهزم من معه وجيء به إلى أبي مسلم فأحسن أبو مسلم إليه وعالجه حتى اندملت جراحه وخيره بين البقاء معهم أو الرجوع إلى نصر على أن يعاهدهم أنه لا يحاربهم ولا يكذب عليهم، بل يقول فيهم ما رأى فعاهده وعاد، فليم أبو مسلم على تركه فقال: إن هذا سيرد عنكم أهل الورع والصلاح فما نحن عندهم على دين الإسلام، وكان الأمر كذلك فإنهم كانوا يرجفون بأنهم يعبدون الأوثان ويستحلون الدماء والأموال، فلما انصرف إليهم يزيد نفى عنهم ما يقال، وشهد فيهم بشهادة حسنة، ثم اجتمع الناس على قتال أبي مسلم فقاتلهم.

وفي سنة ١٣٠ هـ دخل مرو وهرب نصر بن سيار إلى سرخس وطوس ونيسابور وانتهى إلى ساوة من قرى الري فمرض فمات بها، وبعث أبو مسلم الرجال إلى الجهات حتى امتلك كل ولاية خراسان وسير الجيوش إلى الشام والعراق، وكان مروان بن محمد بن مروان قد عثر على كتاب من إبراهيم الإمام إلى أبي مسلم عرف فيه ما بينهما، فكتب إلى عامله بالبلقاء أن يوثق إبراهيم

<<  <   >  >>