علمت مما سبق من أخبار الدولة العباسية أن مؤسسها الخراساني أبا مسلم ضرب الأمويين في المشرق ضربة تابعه بأشد منها الخليفة العباسي الأول انتقاما من تلك الأسرة الحاكمة لما كان لبني هاشم عند معاوية وبنيه من الثأر القديم، وسعيا وراء توطيد الخلافة العباسية بحيث لا تطلع الشمس على مزاحم لهم عليها من آل أمية أو مروان بعد ذلك، وقد تفرق الناجون من القتل والحبس من الأمويين والمروانيين في أنحاء الأرض فكان منهم عبد الرحمن الأول المعروف بالداخل، وهو الذي ركب الأخطار وقصد بلاد الأندلس فأسس فيها دولة خفقت أعلامها ٢٧٦ عاما وانتشرت مدنيتها وعلومها وصناعاتها حتى كان ابن القارة الأوربية يسعى إليها بالأمس كما يسعى السوري، والأندلسي (١)، والمصري إلى باريز [ … ](٢) ولوزان وموينخ اليوم.
يبتدئ تاريخ هذه الدولة في المغرب من سنة ١٣٨ هـ وهي سنة إمارة عبد الرحمن الأول على قرطبة، وينتهي سنة ٤٢٢ هـ، وهي السنة التي خلع فيها آخر خلفائهم هشام بن محمد وتفرقت البلاد من بعده فاستقل كل وال بما ولي على نسق ما أصاب دولة آل عباس في آخر أمرها.
وقد خرجت الإمارة من أيدي الأمويين في أثناء تملكهم مدة سبع سنين وثمانية أشهر حكم فيها رجال من الفاطميين (نذكرهم إن شاء الله بعد ترجمة