للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجذيمة أول ملك أو أمير عربي جلس على سرير اتخذه لنفسه في مجلسه: أخذ ذلك عن الفرس، وجبيت له أموال البلاد الخاضعة لحكمه فقال فيه شاعره:

أضحى جذيمة في الأنبار منزله … قد حاز ما جمعت في عصرها عاد

مستعمل الخير لا تفنى زيادته … في كل يوم وأهل الخير تزداد

وضاع له ابن أخت يدعى عمرا وهو صغير فمضى عليه زمن ثم لقيه رجلان: اسم أحدهما مالك والثاني عقيل فأتياه به فقال لهما جذيمة: تمنيا علي ما شئتما، فطلبا منادمته ما بقي وبقيا فنادماه أربعين سنة، ورأى منهما عقلا وأدبا فصحبهما حتى مات وفرقت بينهما الأيام، فضربت العرب بهما الأمثال في تأكيد الألفة وطول الصحبة؛ قال أبو خراش الهذلي يرثي أخاه عروة:

تقول أراه بعد عروة لاهيا … وذلك رزء لو علمت جليل

فلا تحسبي أن قد تناسيت عهده … ولكن صبري يا أميم جميل

ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا … خللا صفاء: مالك وعقيل

وكان يقال لجذيمة «الأبرش» و «الأبرص» لبرص كان فيه، ولكن العرب هابته أن تنعته به فلقب بالوضاح، وقتل في تدمر كما ذكرنا واختلفوا في مدة ملكه بين ٥٠ سنة و [٦٠].

الضيزن السليحي

مات سنة ٣٠٤ ق. هـ

ما برحت الآثار الشاخصة والأطلال البالية تذكر رأيها بيانيها وتدل مشاهدها على شائدها، فإن علماء البلدان وأصحاب الرحلات المولعين بالأسفار والبحث عن الآثار كلما مر واحد منهم بتلك الأخربة المبعثرة في ذلك المكان

<<  <   >  >>