توفي الداخل بقرطبة ودفن بقصرها، وكان دخوله على الأندلس وهو ابن خمس وعشرين سنة، وبويع بقرطبة يوم الأضحى من سنة ١٣٨ هـ ومدة خلافته ٣٣ سنة، وأربعة أشهر ونصف، وعقد العهد لابنيه هشام ثم سليمان، ومن شعره يتشوق إلى بلاد الشام:
أيها الراكب الميمم أرضي … أقر من بعضي السلام لبعضي
أن جسمي كما علمت بأرض … وفؤادي ومالكيه بأرض
قدر البين بيننا فافترقنا … وطوى البين عن جفوني غمضي
قد قضى الله بالفراق علينا … فعسى باجتماعنا سوف يقضي
هشام بن عبد الرحمن
ولد سنة ١٣٩ وتوفي سنة ١٨٠ هـ
لم يكن هشام أكبر ولد عبد الرحمن فإن سليمان أكبر منه ولكن أباه كان يتوسم منه الشهامة والاضطلاع في أمر الملك فعهد إليه قبل أخيه، ولما توفي عبد الرحمن كان هشام بماردة متوليا لها، وأخوه سليمان بطليطلة، وكان يروم الأمر لنفسه ويحسد أخاه هشاما على تقديم والده له ولهما أخ ثالث اسمه عبد الله ويعرف بالبلنسي كان بقرطبة عند موت والده فجدد البيعة لهشام وكتب إليه يخبره فحضر هشام بعد ستة أيام، فبويع سنة ١٧٢ هـ، وحشد أخوه سليمان أجناده وقصد قرطبة مخالفا لأخيه فانضم إليه أخوهما عبد الله فخرج هشام إليهما بجيشه فالتقى الجيشان بجهة بلج، وانهزم سليمان وعبد الله بعد حرب شديدة [وقتل] هشام إلى قرطبة ظافرا، وكان يكنى بأبي الوليد، وصفه ابن الأثير وابن عذاري فقالا:«كان أبيض، أشهل، مشربا بحمرة، بعينيه حول»، ومن محاسن سيرته أنه كان يبعث إلى الكور قوما عدولا يسألون الناس عن سير